ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بِكُلٍّ تَدَاوَيْنَا فَلَمْ يُشْفُ مَا بِنَا عَلَی أَنَّ قُرْبَ الدَارِ خَيْرٌ مِنْ الْبُعْدِ
ثم قال:
عَلَی أَنَّ قُرْبَ الدَارَ لَيْسَ بِنَافِعٍ إِذَا كَانَ مَنْ تَھواہ لَيْسَ بِذِيْ وُدٍّ
فأبطل الشاعر بـ((علی)) الأولی عموم قولہ: ((لم يشف ما بنا)) فقال: بلی إنّ فيہ شفاء ما، ثمّ أبطل بـ((علی)) الثانيۃ قولہ: ((علی أنّ القرب خير من البعد))، "المغني" بتصرّف.
(1) قولہ: [و((عن))] اعلم أنّ ((عن)) علی ثلاثۃ أوجہ أحدھا: أن تكون حرفاً مصدرياً في لغۃ بني تميم، نحو: ((أعجبني عن تفعل))، أي: أن تفعل، وكذا يفعلون في ((أنّ)) المشدّدۃ، فيقولون: ((أشھد عنّ محمّداً رسول اللہ))، وتسمّی ((عن)) ھذہ ((عنعنۃ تميم))، والثاني: أن تكون اسماً بمعنی ((جانب)) وذلك في ثلاثۃ مواضع: أحدھا: أن يدخل عليھا ((من)) وھو كثير، كقول الشاعر:
فَلَقَدْ أُرَانِيْ لِلرِمَاحِ دَرِيْئَۃ مِنْ عَنْ يَمِيْنِيْ تَارَۃ وَأَمَامِيْ
أي: من جانب يميني... إلخ، والثاني: أن يدخل عليھا ((علی)) وھو نادر، كقول الشاعر:
عَلَی عَنْ يَمِيْنِيْ مَرَّتِ الطَيْرُ سُخًّا وَكَيْفَ سُنُوْخٌ وَالْيَمِيْنُ قَطِيْعُ
أي: علی جانب يميني... إلخ، والثالث: أن يكون مجرورھا وفاعل متعلّقھا ضميرين لمسمّی واحد قالہ الأخفش، نحو قول الشاعر:
دَعْ عَنْكَ لَوْمِيْ فَإِنَّ اللَوْمَ إِغْرَاءُ وَدَاوِنِيْ بِالَّتِيْ كَانَتْ ھي الدَاءُ
والوجہ الثالث: أن تكون حرف جرّ، ولھا عشرۃ معان، وذكر منھا الشارح واحداً لكثرتہ وترك الباقيۃ. "المغني" وغيرہ.
(2) قولہ: [والمجاوزۃ] أي: لبعد المفعول عن مجرورھا بسبب إحداث مصدر الفعل، نحو: ((رميت... إلخ)) أي: بعدت السھم عن القوس بسبب الرمي، ونحو: ((أطعمہ عن جوع))، أي: بعّدہ عن الجوع بسبب الإطعام، ونحو: ((أدّيت الدين عن زيد))، أي: بعّدت زيداً عن الدين بسبب التأديۃ، وفي ذكر ((البعد)) مع المجاوزۃ إشارۃ إلی أنّ المجاوزۃ ھاھنا بمعنی أصل الفعل وليست للمشاركۃ، ومن المعاني الّتي لم يذكرھا الشارح: البدل، نحو قولہ تعالی: ﴿ وَاتَّقُوۡا یَوْمًا لَّا تَجْزِیۡ نَفْسٌ عَنۡ نَّفْسٍ شَیْـًٔا ﴾[البقرۃ : 48] أي: بدل نفس، وفي الحديث: ((صومي عن أمّك))