قد اقترَبَتْ ليلةُ النِّصفِ من شعبانَ، وهذه ليلةٌ تُرفَعُ فيها أعمالُ العِبادِ إلى الله تعالى، ويَغفِرُ اللهُ عزّ وجلّ بجاهِ حبيبه المصطفى صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم لِكُلِّ مُؤمِنٍ إلاّ لبعض الناس، منهم الْمُتبَاغِضَانِ لِغَرضٍ دُنياوِيٍّ، فيقول: أَمهِلُوا هذَين حتّى يَتصالَحَا، ولذا ينبغي لأهل السُّنّةِ إنهاء الخِلافاتِ وإصلاحُ العلاقاتِ وأداءُ الحقوق إلى أصحابِها أو طلَبُ السَّماحِ منهم قبلَ غُروب شَمس الرابعَ عشرَ مِن شعبان بحيثُ تُعرَضُ الأعمالُ على الله عزّ وجلّ خالِيةً مِن حُقوق العِباد بإذن الله تعالى، وأمَّا حقوقُ الله فيَكفِي فيها التَّوبَةُ النَّصُوحَةُ، في الحديثِ الشريف: «التَّائِبُ مِن الذَّنب كَمن لا ذنبَ له»(1)، فحينئذ تُرجَى المغفِرةُ في هذه الليلةِ المباركةِ بشرطِ أن يكونَ العبدُ مُتمسِّكًا بالعقيدةِ الصَّحيحةِ، وإنّ الله هو الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وهذه الممارَسةُ لِلإصلاح وتَسويَةِ الخِلافاتِ والْمُنازَعاتِ بين الإخوَةِ المسلِمين وطلَب العفو مِن الْحُقوق تَجرِي في الواقِع هنا منذُ فَترةٍ طويلَةٍ، فالرَّجَاء مِنكم
(1) أخرجه ابن ماجه في "سننه"، كتاب الزهد، ٤/٤٩١، (٤٢٥٠).