قد قام علماء "الھند" أيضاً بخدمات جليلۃ بارزۃ في نشر العلوم والفنون الإسلاميۃ, وفي مجال التصنيف والتأليف في كلّ عصر, مثل ما قام بھا العلماء في دول العالم الإسلامي غير "الھند", فلھم مآثر علميۃ وذكريات خالدۃ في كلّ قسم من أقسام العلوم العقليۃ والنقليۃ في صورۃ مئات من الشروح والحواشي, والتعليقات سوی تصانيفھم المستقلّۃ فيھا.
ينبغي لنا أن نلفت عناياتكم إلی أنّ الشرح لہ علاقۃ بالمتن كلّہ, فيتحتم للشارح أن يكتب العبارات التوضيحيۃ نظراً إلی عبارات المتن كلّہ, ولكن علی عكس ذلك تتّصل الحاشيۃ بجزء خاصّ من المتن, فيقوم المحشي بالتعبير عن أفكارہ وخواطرہ حول مواضع خاصۃ مختارۃ من المتن فقد يلفت انتباہۃ القراء إلی نكتۃ وقد يوضع كلمۃ غريبۃ وقد يجيب عن ما يرد عليہ من الإشكال والاعتراض, وظھر بِما قلنا آنفاً: أنّ الشارح يھتمّ اھتماماً خاصًّا مخطّطاً مضبوطاً لشرح كتاب, فيختار لہ متناً خاصًّا تحت خطّۃ مرسومۃ, ثُمّ يشرح كلّ المتن أو جزء خاصًّا منہ حسب ذوقہ وطبيعتہ, وعلی العكس من ذلك ليس من اللازم مثل ھذا الاھتمام والتخطيط للحواشي والتعليقات في كلّ حال, وتظھر ھنا صورتان إلی حيز الوجود, فالمحشّي قد يكتب الحواشي علی الكتاب كلّہ من أوَّلہ إلی آخرہ بكلّ اعتناء واھتمام, وقد يقوم بتصويب خطأ للكاتب أو المصنّف علی الحاشيۃ خلال مطالعۃ الكتاب أو يكتب شيئاً علی الحاشيۃ توضيحاً لعبارۃ أو تنبيھا لنكتۃ, وھذہ الصورۃ الأخيرۃ تظھر من العلماء الراسخين في العلم بصفۃ عامّۃ, فإنّھم يجمعون شتّی العلوم والفنون, فيحرّرون نفثات أقلامھم علی ما يطالعونہ من كتاب بأيّ فنّ كان, وھكذا تخرج حواشيھم القيمۃ وتعليقاتھم الغاليۃ علی كتب متنوّعۃ في فنون مختلفۃ إلی حيز الوجود والظھور.
قد مضی عديد من مثل ھؤلاء العباقر والنوابغ في علماء "الھند" مثل ما ظھروا في العالم الإسلامي يزخر تأريخنا العلمي بثروات حواشيھم وتعليقاتھم. والآن أريد أن أتحدّث شيئاً عن حواشي الكتب الدراسيۃ.